إن الحمد لله .. أما بعد
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوه حق تقاته، واعتصموا بحبله حقَّ الاعتصام، واستمسكوا بالعروة الوثقى التي ليس لها انفصام،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أيها الناس .. إن القلبَ ملكُ الأعضاء إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، وهو موضعُ نظرِ الرب كما قال صلى لله عليه وسلم : (إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) [رواه مسلم: (2564). عن أبي هريرة رضي الله عنه .] ، وصاحب القلب السليم هو الناجي يوم القيامة {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88- 89]، وتفاضل الأعمال بين الناس بحسب ما يقوم في القلب لا بكثرتها، كما قال بكر بن عبد الله المزني: (ما سبقكم أبو بكر رضي الله عنه بكثرة صلاة ولا صيام، ولكن بشيء وَقَرَ في قلبه) [انظر: مجموع الفتاوى: (7/258)، والإيمان لابن تيمية: (190)، والمسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل: (1/111). قال العراقي: (لا أصل لهذا مرفوعاً، وإنما يعرف من قول بكر بن عبد الله المزني، رواه الحكيم الترمذي في ” نوادره “) انظر: تخريج أحاديث الإحياء: (85) و (141).] .
ولئن كانت للجوارح أعمالٌ ظاهرة يتسابق إليها العاملون، ويتنافس فيها المتنافسون؛ فقد جعل الله لهذا القلب عباداتٍ وأعمالا عظمها ورفع شأنها، ولذا كان التفقهُ فيها والتذكير بها من أهم المهمات. ونحن هذا اليوم نقطف وردة من هذا البستان الوارف، ونتذاكر عملا من أعمال القلوب التي شرعها علام الغيوب، وهي امتداد لسلسلة أعمال القلوب التي سبق الحديث عن بعض حلقاتها كالخوف والرجاء والتوكل والمراقبة وغيرها.
حديثنا اليوم عن مقام اليقين في هذا الدين، اليقين في زمن تزلزل فيه اليقين، وتسربت الشبهات والشكوك من الشمال واليمين، فتشربتها بعض النفوس، وصارت تعيش شكا وترددا يصل أحيانا إلى بعض الثوابت والقطعيات.
اليقين في زمن ضَعُفَ فيه اليقينُ عند ورود المصائب، فنجد من يصاب بمصيبة في نفسه أو ماله أو ولده يضطرب قلبه ويجزع، ويخور ويفزع، وربما تسخط وتعلق بالمخلوق كالأمير والطبيب والمدير، ونسي الخالق القدير لضعف يقينه بربه، ولو كان من أهل اليقين لقابل المصيبة بثبات قلب، وقوة نفس، ورباطة جأش، ورضىً بالمقدور، ولا يقول إلا ما يرضي الرب،{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156].
أيها الإخوة .. كم سمعنا تصاريف هذه الكلمة (اليقين) في الكتاب والسنة، فما المراد بها؟ وما منزلتها في الدين؟ وما الفرق بين اليقين وبين العلم والتصديق؟ وكيف يحقق المسلم هذا المقام في قلبه، فيكون من الموقنين؟ وما ثمرات اليقين في الدنيا والدين؟.
لعلنا نوجز هذه الفوائد ونقربها في المسائل الآتية:
المسألة الأولى: المراد باليقين
اليقين نقيض الشك، كما أن العلم نقيضُ الجهل. فاليقين هو العلم الجازم مع الطمأنينة والثبات، بحيث لا يحصل لصاحبه ترددٌ وتشككٌ أو ريبة وقلقّ في داخله.
فاليقين عند المؤمن أن يؤمن إيمانا جازما لا شك فيه ولا تردد بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
اليقين أعلى درجات العلم، فكل يقين علم، وليس كل علم يقينا.
ولا يلزم من اليقين التصديق والانقياد، فقد يوقن المرء بأمر ما لكنه يأنف من التصديق والانقياد لعارض في نفسه، كما حصل لفرعون وقومه فإنهم رأوا الآيات الباهرات التي حصل بها اليقين في قلوبهم لكن لم يؤمنوا لموسى عليه السلام، كما قال تعالى عنهم: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّ}[النمل: 14] [ينظر: نزهة الأعين النواظر (1/ 634).] .
المسألة الثانية: منزلة اليقين في الدين
قال ابن القيم رحمه الله: (اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون .. وإذا تزوج الصبر باليقين ولد بينهما حصول الإمامة في الدين، قال الله تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] .. ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نورا وإشراقا، وانتفى عنه كل ريب وشك، وسخطٍ وهمٍّ وغم، فامتلأ محبةً لله وخوفا منه، ورضى به، وشكرا له، وتوكلا عليه، وإنابة إليه، فهو مادة جميع المقامات والحامل لها) [مدارج السالكين (2/ 397).] .
وجاء ذكره في القرآن على صيغ متنوعة، فذكر الله تعالى صفاتِ عباده المتقين المؤمنين، ومنها قوله:{وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4]، وأظهر الله شرف هذه المرتبة وعلو شأنها، حين أراد أن يبلغها خليله إبراهيم عليه السلام، فقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِين} [الأنعام: 75].
ومما يبين شأن اليقين؛ أن كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) لا تنفع قائلَها إلا إذا كان على يقين من مدلولها، ولذا جعل أهل العلم هذا شرطا من شروطها، واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى لله عليه وسلم قال له: (من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة) [رواه مسلم: (31).] . وبين صلى لله عليه وسلم أن اليقين من أسباب نجاة الأمة في أول أمرها، فروى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: (نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد، ويهلك آخرُ هذه الأمة بالبخل والأمل) [رواه أحمد في الزهد (52), والطبراني في الأوسط (7650), وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب (3340).] .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (الْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ) [رواه البخاري موقوفاً معلقاً مجزوماً به، في كتاب الإيمان، باب الإيمان وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس) وأحمد: (8630)، ، والحاكم في المستدرك موقوفاً: (2/ 446)، والبيهقي في شعب الإيمان: (7/ 123), موقوفاً ومرفوعاً، وأشار إلى ضعف المرفوع، ومثله في الآداب برقم: (757)، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1/170): (صحيح موقوف).] .
وقال أبو بكر الوراق رحمه الله: (اليقين ملاك القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرف الله، وبالعقل عُقل عن الله).
المسألة الثالثة: مراتب اليقين
اليقين يتفاوت، فهو على ثلاث مراتب: علم اليقين، ثم فوقه: عين اليقين، ثم أعلى المراتب: حق اليقين. فعلم اليقين هو العلم الجازم الذي لا يتطرق إليه شك، وعين اليقين ما تبصره العين مشاهدا، وحق اليقين هو مباشرة الشيء وملابسته بالحواس.
وتوضيح ذلك لو أخبرك ثقة لا تشك في صدقه أن عنده عسلا، فهذا علم اليقين، فإذا أخرجه ورأيته بعينك فهذا عين اليقين، فإن سقاك وشربت منه فهذا حق اليقين.
وهكذا المؤمن بلغه خبر الله ورسوله بوجود الجنة والنار فهي عنده علم اليقين، فإذا كانت أهوال القيامة والمحشر وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت النار للغاوين، ورآهما الناس بأعينهم صار عين اليقين، فإذا دخل المؤمنون الجنة صار حق اليقين.
وفي سؤال إبراهيم عليه السلام حين قال لربه تعالى:{ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: 260]، قال أهل العلم: أراد إبراهيم أن ينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين.
المسألة الرابعة: الطريق الموصل إلى اليقين
اليقين منزلة رفيعة من مقامات الدين، على المسلم أن يحرص على بلوغها، والاندراج في مسالك أهلها، وأن يجعل هذا هدفا وطموحا يسعى إليه، ويجتهد في تحصيله، ولعل مما يعين على ذلك:
1. العلم النافع، وهو العلم الموروث عن مشكاة النبوة. العلم بالله تعالى بأسمائه وصفاته والتفقه في معانيها، والعلم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى لله عليه وسلم، العلم بأركان الإيمان وحقائق التوحيد، العلم بالدار الآخرة من خروج الروح إلى القرار الأخير في الجنة أو السعير، العلم بأحوال خير القرون وأخبارهم. هذه العلوم النافعة إذا طلبها المسلم وحصلها بإخلاص وصدق أثمرت له أنواعا من الخيرات، وفتحت له أبوابا من الفتوحات، ومنها أن يُعمر قلبُه وتزكو نفسُه ببرد اليقين، وحلاوة الإيمان، ولذة المناجاة، وانشراح الصدر.
قال ابن القيم: (لو لم يكن من فوائد العلم إلا أنه يثمر اليقين الذي هو أعظم حياة القلب وبه طمأنينته وقوته ونشاطه) [مفتاح دار السعادة: (1/154).] .
وقال رحمه الله: (الشك مبدأ الريب، كما أن العلم مبدأ اليقين) [بدائع الفوائد: (4/913).] .
عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى لله عليه وسلم يقول: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا) [رواه مسلم: (34).] .
ولا يلزم أن يتلقى هذا العلم في كلية الشريعة، أو أن يقتني العبد المجلدات الكثيرة، كلا، بل العلم يسير على من يسره الله عليه، قال الله تعالى:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17]، لكنها الإرادة والرغبة، والصدق والإخلاص، فهذه مع القليل تثمر الكثير من البركات والنفحات.
قال بعض الصالحين: (اليقين هو استقرار العلم الذي لا يحول ولا ينقلب ولا يتغير في القلب).
قَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ رَحِمَهُ الَلهُ: (تَعَلَّمُوا الْيَقِينَ كَمَا تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ حَتَّى تَعْرِفُوهُ فَإِنِّي أَتَعَلَّمُهُ).
2. العمل بالعلم، فإذا وطن العبد نفسه على أن يعمل بما يسمع من الخير، ويجاهد نفسه على ذلك، عن قناعة وامتثال ومبادرة وتصديق من خالص قلبه، مع الاجتهاد في تحقيق التقوى؛ أورث له ذلك زيادةً في يقين قلبه. قال ابن عطاءٍ رحمه الله: على قَدْرِ قُرْبهم من التَّقْوَى أَدْرَكُوا من اليقين.
3. الحذرَ الحذر من مواطن الشبهات، وبث الواردات التي ترد على القلب، فإن النفس ضعيفة، والشيطانَ حريص، والسلامةُ لا يعدلها شيء، فليجعل المسلم لنفسه سياجا منيعا، وحصنا حصينا، ولا يدفعه الفضول والنظر والتجربة أن يزج بنفسه في هذا المستنقع. أقول هذا في زمن كثرت فيه الشبهات والأفكار الدخيلة، وتضعضع فيه اليقين لدى بعض المسلمين، بسبب ما تلقاه من هذه الواردات سواء كان ذلك عبر قناة فضائية، أو منتدى في الأنترنت، أو مقالةٍ في جريدة أو مجلة، أو كتاب من تلك الكتب. وكم وقع لبعض الأخيار من تساهل في أول الأمر بقراءة كتاب أو مقالات أو متابعة في بعض المنتديات حتى أشربت قلوبهم الشبهات، وثقلت عليهم الطاعات والعبادات، وربما جرهم ذلك إلى الانتكاس عن طريق الاستقامة، نسأل الله السلامة.
فاحذر يا عبد الله أن تجعل قلبَك عُرضةً لكل آسرٍ وكاسرٍ. وإنما خذ العلم من مصدره الصحيح ثم اعقد قلبك عليه عقدا محكما، واجتهد في التقرب من الله، والعمل بالعلم، وإن وردت عليك شبهة أو شك، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتضرع إلى الله أن يثبتك على دينه، ولا يزيغَ قلبك بعد الهداية، واتصل بمن يتيسر لك من أهل العلم الثقات المعروفين لدفع هذه الشبهات، ودرء تلك الواردات.
بارك الله ..
الخطبة الثانية:
4. التفكر والتدبر، نعم التفكر في آيات الله الكونية، وهي مخلوقاته العظيمة التي أبدعها، في الكون والآفاق والنفس، وتقليب النظر في هذه المخلوقات العجيبة، وقد بين الله تعالى أن الآيات تنفع الموقنين وتورث اليقين، فقال:{إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[الجاثية: 4]، وقال جل وعلا: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ}[الأنعام: 75].
وهكذا التدبر في الآيات الشرعية، آيات القرآن العزيز، فإنها شفاء القلوب من أمراضها، وجلاء للشكوك والشبهات، قال تعالى عن القرآن: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[الجاثية: 20].
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (فإن القلب لا يطمئن إلا بالإيمان واليقين ولا سبيل إلى حصول الإيمان واليقين إلا من القرآن فإن سكون القلب وطمأنينته من يقينه، واضطرابَه وقلقه من شكه، والقرآن هو المحصل لليقين الدافعُ للشكوك والظنون والأوهام فلا تطمئن قلوب المؤمنين إلا به) [مدارج السالكين: (2/ 513).] .
5. الدعاء، فإن الله تعالى قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فليرفع العبد أكف الضراعة إلى ربه يسأله أن ينور قلبه ويعمره بالإيمان واليقين، وأن يطهره من الشك والريب. جاء في الحديث عن ابن عمر قال: قلما كان رسول الله صلى لله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا) [رواه الترمذي: (3502), وحسنه الألباني في صحيح الجامع: (1268).] .
وكَانَ عَطَاءُ الْخُرَاسَانِيُّ رَحِمَهُ الَلهُ تَعَالَى لَا يَقُومُ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يَقُولَ: (اللَّهُمَّ هَبْ لَنَا يَقِينًا بِكَ حَتَّى تَهُونَ عَلَيْنَا مُصِيبَاتُ الدُّنْيَا, وَحَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُصِيبُنَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَنَا عَلَيْنَا, وَلَا يَأْتِينَا مِنْ هَذَا الرِّزْقِ إِلَّا مَا قَسَمْتَ بِه).
اللهم إنا نسألك إيمانا صادقا ويقينا جازما وقلبا خاشعا ولسانا ذاكرا